منذ زمن ليس بالقريب أطلت علينا المطربة اللبنانية ماجدة الرومي بأغنيتها المعروفة (كن صديقي)، تلك الأغنية التي ألفها الشباب، رددوها وحفظوا كلماتها جيدا، مدققينفيها أم لا؟؟ لا احد يمكنه أن يجزم، لكن يصعب علينا أن ننكر أنها تحمل بين ألحانها معان كثيرة وإشارات هامة ودعوات ربما تكون مباشرة نخطئ إن غفلنا عنها أو تغافلناها.
كثيرا ما سمعنا عن مواقف الثقة والوفاء والمحبة، وغيرها بين الأصدقاء، وكثيرا ما رأينا مواقف الغضب والفراق والخيانة وربما أكثر من ذلك بين الأصدقاء أيضا. لكنا بتنا نرى ونسمع أمورا مشابهه بين(الصديق وصديقته).
ظاهرة الصداقة بين الشباب والفتيات والتي انتشرت وبشكل كبير ولافت في السنوات الأخيرة في مجتمعنا أنتجت جيلا يفرز قيما جديدة وقواعد لم تكن موجودة من قبل.
أصاحب مين؟؟
وبحكم ما يتعرض له كل من الشاب والفتاة من اختلاط، يبدأ بالدراسة أولا وينتقل ليصبح أعم واكبر في ساحات العمل ليصبح من مقتضيات الحياة. حيث يبدأ الأمر من الشاب بالتعرف إلى زميلته والتحدث إليها والعمل معا، ليتطور هذا الحديث ويكثر وتدخل العلاقة في متاهات الصداقات المبررة وغير المبررة، وفي معرض الحديث عن الصداقة بين الشباب والفتيات توجهت "إخباريات" بسؤال مجموعة من الشباب إن كانوا مع مثل هذه العلاقات أو ضدها.
وكانت الآراء متباينة.
الشاب خالد (24 عاما) قال انه لم يكن بتحدث إلى أي فتاة(غريبة عنه) أبدا، لكن مع مرور الأيام رأى أن من الضرورة القيام بذلك، لأنه أصبح منتقد من قبل زملائه كافة في الجامعة تقريبا، لكنه أضاف أيضا أن هذا الوضع تطور ليأخذ منحى أخر وقال: "لأني لا أنكر انه يوجد لي صديقات وهذا أمر طبيعي فانا أشاهدهن يوميا، وأتعامل معهن، وأتحدث إليهن طوال دوامي الجامعي، لكني ضد فكرة الصداقات بين الفتيات والشبان".
ولم يختلف عنه خليل (23عاما) كثيرا، وأكد انه يرفض تماما فكرة الصداقة بين الشاب والفتاة ولا يجد مبررا لها، وتلعثم في إجابته عندما سألته "إخباريات"، إذن ماذا تسمي علاقتك بزميلاتك والتي بدت لي أنها أكثر من علاقة الزمالة؟؟. ليجيب أخيرا: "لا اعرف ..لا يمكن أن أنكر علاقتي بهن جديدة وقوية وهن كثيرات لكن.. لا اعرف ماذا اسميها؟؟.
أما ادهم الطالب في قسم الصحافة فيرى انه لا ضرر من وجود صداقة بين "ادم وحواء" لان الناحية الإنسانية تتطلب ذلك، كما أكد انه يرى أن الفتاة اصدق وأكثر وفاء في علاقاتها مع الشاب مقارنة بوفاء الشاب مع صديقة الشاب.
صداقة حقيقة أم برستيج؟؟!(أصحاب أنا وأنت وإلا)؟؟!
وعلى ما يبدو فأن ظاهرة الصداقة بين الجنسين، أصبحت من ضرورات الحياة فتكاد لا تخلو شلة شبابية من وجود فتاة أو اثر بينهم والعكس صحيح، حتى وان كانت في كثير منها ليست سوا للمفاخرة.
يقول امجد (21 عاما) من الجميل جدا أن تتعرف على الجنس الأخر وان تبني معه علاقات اجتماعية، ولا أرى أجمل من الصداقة لبناء مثل هذه العلاقات. ويضيف:"لا يمكن أن تكون صداقة بمفهومها الحقيقي لكن على الرغم من ذلك مانع من تمضية الوقت معهم والتحدث بمواضيع الحياة المختلفة".
ويترك امجد الحديث لصديقه الآخر ليكمل عنه (علي 22عاما) ويقول: "جيل اليوم يختلف اختلافا كليا عن جيل الأمس في المجالات كافة وما يتطلبه العصر في هذه الأيام يفرض علينا أن نقوم بما لم يكن مقبول بالأمس وذلك لنجاري الواقع والعصر ولأكون أكثر دقة دعيني أقول لنجاري المجتمعات الأخرى والتي تتقبل فكرة أن يكون لي صديقة مقربة أكثر من امجد ربما بكل رحابة صدر".
وربما يندفع الشباب باستخدام كلمة في توصيف العلاقات بينهم من دون التعمق في معنى هذه الكلمة وما يترتب عليها من أمور كثيرة، قد يغفلون عنها، وهذا ما تؤكده الطالبة مجدولين (21 عاما) إذا تقول:"وجود الفتاة بالجامعة مقرون بدراستها وليس لتكوين العلاقات وإقامة التعارف ثم إني لا أجد مبرر لان يكون للفتاة صديق فالعقل يتقبل وجود الصديقة وهي الأقرب وهذا هو المنطق بسبب توافق الاهتمامات وغيرها من الأمور التي لا يوجد بها توافق بين (الشب والبنت".
رنين زميلة مجدولين بالدراسة، وافقتها الرأي، واعتبرت أن السبب الرئيس في نبذ مثل هذه العلاقات هو الحرمة الدينية، وأكدت أن الناس يخلطون بين الزمالة والصداقة حيث قالت "لا يمكن أن تتحول الزمالة إلى صداقة".
الشابة فاتن محمود (22 عاما) تتحدث عن تجربتها قائلة: "كنت من اشد المعارضات لقضية الصداقة بين الشاب والفتاة، وذلك لعدد من الاعتبارات، لكن بحكم اختلاطي المباشر بزملائي في الدراسة والعمل، أصبح من بينهم من هو اقرب إلي من غيرة، مرت الأيام وحملت معها المواقف والمواقف حتى أصبح احد زملائي بمثابة الأخ بالنسبة لي كنت دائما اعتبره أخا وصديقا حقيقيا على الرغم من رفضه لمناداتي له بالأخ، وفي احد الأيام قدم إلي غاضبا يدعى أني قمت بايذاءة واني أخبرت بقية أصدقاءنا بأنه يحب فتاة كانت تعمل معنا في نفس المكان ليتخذ من هذه(الكذبة) فرصة لإنهاء صداقتنا للأبد لكنه لم يكتفي بذلك فقد فوجئت انه أصبح ينشر الإشاعات عني لكل من اعرفه ولبقة الزملاء حتى الذين تربطني بهم علاقات عمل أو علاقات رسمية" .
ما حدث مع فاتن لم تكن القصة الأولى وربما لن تكون الأخيرة، فـ"مقالب" الصداقة وحكايات "الشلل"، تتوارد إلينا كل يوم حاملة معها ما يمكن أن يحصل فعلا ومنها ما كان عصيا على التصديق.
فهذه قصة أخرى أطلعتني على تفاصيلها صديقتي إذ تقول:"كنا في الجامعة نتعامل مع زملائنا بكثير من الاحترام وكانت لي صديقة تدرس معي بنفس السنة تعرفت إلى احد الزملاء وكانت العلاقة في البداية جميلة قائمة على الاحترام والتعاون في الدراسة والتدريب لكن ومع بعد وقت قصير جدا وجدنا أن هذه العلاقة تتطور لتاخد شكل الارتباط العاطفي إن جاز لي أن أقول وبنفس السرعة التي تطورت بها هذه العلاقة انتهت لان صديقتي تلك اختارت أن ترتبط رسميا بشاب آخر فضلته على زميلها أو صديقها أو... "فيك أنت تختاري المسمى إلي بدك إياه".
اختلاف فكري وسيكولوجي...
ويؤكد علماء النفس أن الاختلافات السيكولوجية والفكرية وحتى في الطباع منها لكل من الشاب والفتاة ينتج نوعا من الصعوبة في نشوء علاقة الصداقة بمعناها الحقيقي الواسع خصوصا إذا ما تحدثنا عن الاهتمامات المختلفة وطرق التفكير وغيرها من الأمور.
وتتحمل وسائل الإعلام دورا ليس بالبسيط في نشر ظاهرة الصداقة المختلطة وذلك من خلال ما تعرضه من برامج ومسلسلات وقصص تظهر أبطالها بصورة الأصدقاء والصحبة المر الذي جعل من هذه الحالة أمر معتاد ومستساغ ولنرى طبيعة "كوبل الصحبة"ينتشر في جامعاتنا ومؤسساتنا وحتى بين أزقتنا وحوارينا.
ولسنا بعيدين عن واقع وسائل الإعلام والاتصال والتطور التكنولوجي إذ يظهر الانترنت بما يحويه من خدمات البريد الإلكتروني، والمحادثة، وبرامج التعارف، وغيرها، ليتحول من وسيلة للاستخدام المعرفي والتقني إلى طريقة للتعارف وتكوين العلاقات الاجتماعية وفي مقدمتها الصداقات فنرى مواقع متخصصة وغرف دردشة تخدم هذه الأغراض يقول محمد حج علي:تعرفت على عدد كبير من الفتيات عبر المسنجر وأصبحت أتحدث إليهن لفترات طويلة من اليوم وأنا اعتبر فعلا أنهن صديقاتي.
أما إبراهيم خليل فيقول:أنا أتحدث مع زميلاتي في الجامعة عبر المسنجر والذي يعطي بالعادة شعورا مختلف ربما يكون أكثر أريحية اقصد وأنت تتحدث مع احدهم عبرة، لكن فكرة وجود صديقات لي سبب لي الكثير من المشكلات التي كنت أنا بغنى عنها والتي دخلت بها رغما عني وفي اغلبها لم يكن لي صلة مباشرة بها وهذا أسوء ما في الأمر.
وتقول ريم السقا انها لا تجد ضررا في التحدث مع أي شاب عبر المسنجر أو من خلال غرف الدردشة كما انها لا تجد مشكلة في إرسال ايميلها لأي شاب خصوصا إذا كان ذلك يخدم دراستها أو يقدم لها نوع من الفائدة في علاقتاها الاجتماعية والتي تحاول هي توسيعها باستمرار.
لم تنس ماجدة أن تعتب صديقها بقولها انه يهتم لشكلها أكثر من اهتمامه بطريقة تفكيرها وادراكة لما يجول بخاطرها واعتباره لما يتعري نفسها من اهتمامات (لماذا تهتم لشكلي ولا تدرك عقلي؟؟) ولكن ترى هل تذكرت فتياتنا هذا المقطع من الأغنية قبل أن تردده على مسامع أصدقائها من الشباب؟؟