بــســمـــ اللــــــه
حَـدَثَ ذلكَ في يوم ٍ عاصـِف ٍ , يَـطْـلي سَماءَهُ لونَ الرّماد ِ بــِفرشاة ِ الغيوم ِ المـُتـَلـَبـّـدَة ِ
مَـجالـُه مشَــوّشٌ بِــنــَزيف ِ المَطـَر ِ...
أفــْـتَـحُ البابَ بِـعنايَــة ٍ وســُكون ٍ مُــطـْـلَـق ٍ كيْ لا أوقـِظَـَ فرْداً من رقادِه , ثمّ أغادرُ المكانَ بخـِفـّـةٍ وسُرْعَةٍ لـِألاّ يـَـسـْـبُقني القَدَرُ ...
المَطَرُ كَثيفٌ , الشّوارعُ شاغِرة ٌ منَ السّـكان ِ , جَوٌّ منَ الغـَـرابَةِ والوِحــْـشَةِ مَلـْموس, يبسِط ُ ذراعـَيـْـهِ وَيَلـُـفـّـني بهِ كيْ أصبحَ أسيرَتـَـهُ ...
أفـْـزَعـَـني هذا الجَــوّ وَجـَعَلني أسيرُ سَيــْـرَة َ الـْمُـكَــبـّل ِ في حُـجْرَةِ الـْوِحدَةِ الفَتـّـاكَةِ ...
حتـّى وَصـَلـْـتُ مبتغىً لا سِواهُ آخَرَ...
فيهِ أرى الأجداثَ والضـّرائحَ تُـبَعثِرُ نَفـْـسَها في كلِّ َحـيّز ٍ , الأرْضُ موحِلـَة ٌ تمتـَـصُّ الأقدامَ .. أشعُرُ بالمكروهِ والشــّدّةِ يَقْصِدانني ...جَـسَدي يرْتـَعـِـشُ ذعراً... أنا أجهلُ عِلـّة َ وصولي لِهذا المَكان ِ الـّذي يُثيرُ الاشمئزاز !!!
عَـصـْـفَة ُ ريح ٍ تُـحيطـُـني وتطيرُ قبـّعَتي الـصـّوفيـّةِ
وهنا , يُحكـِمُ الخوْفَ قَـبـْـضَتـَـهُ بـِـقَلْبي وعقلي ...
فأرى الأرْضَ والأجداثَ تهتَـزّ وترْجَحُ ..
لا أدري! ربـّما أشعُرُ بالغثيان ِ من شـدّة ِ الإضطِرابِ !!!
ثمّ أنَ مشهَدٌ لم تُـصَـوّرهُ الحقيقَـة ُ الـْتـَـقـَـطـَـتْـهُ عـَيــْنايْ!
رَبــّــاه ! إن كـُـنـْتُ أحلــُمُ أيــْقِـظوني !!
جُـثـَـثُ الفانـِينَ تـَـنـْبَعِـثُ منَ الـّلحودِ الـمُتـَبـَدّدَةِ ! وَهَلْ لكَ أن تتَصوّر حالُ جُـثـّةِ زائِل ٍ مُنذُ عصور ؟؟
إدْراكٌ للخِــشْيَةِ الواقِـعِيّةِ يـقـْـبِضُ عـُـنُـقي , جُـثَــثٌ يـَجـْتاحُها العـُطـْـبُ , تتـَـقدّمُ نـَحوي وهـيَ تـَمـُدّ أذرعَـتَـها البشعة وتـُـصـْـدِرُ أصْـواتاً مُـهلِـكَـة ً خوْفا ً...
جـَماجـِـمُـها مُـحَطـّمَـة ٌ وقـَذِرة , أبـْدانـُـها هزيلـَة ُ الـبُـنـْـيَـةِ , تُـطـْلـِقُ روائـِحَ نـَـتِـنِة , تتـَدلــّى منها قـِـطـَعُ الأقـْـمِـشـَـةِ المُـمَـزّقَـةِ ...
يكـَادُ الرّعـْبُ يـُـعـْلـِنُ حـَـيـْـنـِـي !!
لقد تـَصـَوّرْتُ المِقـبَـرَةَ كـَمَدينَةٍ َحـلـّت بها حروبٌ عَسيرةٌ , فكَــسَتـْـها بالـدّمار ِ , وأنّ سـُكـّانـَـها كَـمَـنوا تـَـحْـتَ الأتـْـرِبَةِ ينتـَـظـِرونَ انـْـقـِـضاءَ الحَربِ ...
هم تحتَ الأرْض ِ يتـَضـَـوّرونَ جوعا ً , وأنا هي الـْفريسـَة ُ التي عـَرَضَتْ نَـفـْـسَـها علـَـيْـهِـم بِـسـَـخاءٍ , بصَـحـْـن ٍ منَ الـحَساءِ ..
نعم! فقدْ كُــنـْـتُ أسـْـبَـحُ بعـَـرَقي من شدّةِ الخوْف ...
فحـَسْـبي أنـّنا سوْفَ نتـَبادَلُ المَـقـامَ قريـباً !
وَمَضَ البَـرْقُ وَتَـبِـعـَهُ هزيمُ الرّعْدِ , فاشـْـتـَدّت غزارَةُ المَطَر ِ وَعَلا ضجيجُ أولئكَ الـْمَـوْتـَـى , وازْدادَ صُـراخُـهُم بـَـشاعَــة ً وَرَهـْـبَـة ً ...
وَفَــجْـأة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!