رحيلُ الأوهامِ
تطايرَ أوراقُ الشجرِ ،وهجرَ العصفورُ سماءَ الكونِ ،وغزي البردُ أماكنَ وأزمانَ مفقودةً في السطورِ .
اختفتْ ألوانَُ البراءةَ في عالمِ خفيِ أحتارَ فيه العقلُ وأرغم على عشقِ أوهامهِ .
-جلستَ وعلى الشفاهِ سؤالٌ:-
*[هل للبراءةِ وجودٍ؟]
تغمضَ جفنيها فتغرق في عالمِ يملئهُ الأساطيرُ وخيالُ ماتَ في قديمِ العصورِ.
لتدمعَ عيناها في خوفِ من ألغازِ العمرِ وخفايا الأزمانِ فتعانقُ أيامهاَ أحزانَ بلا أحزانِ .
تتناغمْ كلماتُ شفتاها في رقةِ الصمودِ فيعودُ السؤالُ:-
*[تُرى للربيع معنى؟].
كم قالت لنفسها :-
*[يا ليتني كنتُ قلمُ عالمِ،أو سماعةُ طبيبِ عزفَ على أوتارِ الوفاءِ].
يأخذها الفكر إلى أمدٍ بعيدِ فتقولُ لنفسها:-
*[مزقَ الليلُ ستارَ النهارِ وغابَ النسيمُ عن الوجودِ جفتْ الأغصانُ واقتلعتْ الأشجارُ وشدا الطيرُ وأختفي في الفضاءِ].
أدركت أن البراءةَ مزقتْ أوصالها من الوجودِ.
اختارتْ البراءةَ رغم عزوفِ الكونِ عنها لعلها تحتفظُ ببريقِ عينيها لساعاتٍ من الزمنِ.
قالتْ:-
*[اختارُ البراءةَ في عالمِ ماتت فيه ابتساماتِ الصفا وأصبحَ واقعُ العيشِ كاساتٍ من الألمِ يرفض البراءةَ في شكوكِ الندمِ.
ولعلي أهوى ابتسامةَ طفلِ بعدَ دموعِ القلقِ فلعلي أجدُ فرصهً لأمسحَ على رأسِ صبيٍ عانقهُ البكاَ فلن أشكوا ضعفي إلى دهرٍ أمتليءَ ألماً].
تساءلَ الكونُ:-
*لماذا الإحسانُ؟
تجيبْ:-
*[تمنيتُ أن أمضى ببراءةِ الزهورِ رغماً عنى فأردتْ أن أكون طفلةً تلهو بعطاءِ].
أمتنعَ الكونُ عنها في شكوكِ من أفعالِها فالإحسانُ للإحسانِ أما ضعفٍ أو تكفيرِ ذنبٍ دونَ البراءةِ.
ولعلَ رحيلُ الأصدقاءِ والأحبابِ عنها أكبرُ إحسان من الزمنِ .
أدركتْ أن البراءةَ وهمٍ يطوى في كتابِ العمرِ طياً.
فأرادت أن تنامَ نوماً طويلاً لن تستيقظَ منه أبداً فغرقت في أحلامٍ وأساطير ماتتْ في قديمِ الزمن.
اختارتْ الرحيلُ .قبلَ الرحيلِ تساءلت:-
*[هل هناك من يتذكرنيِ ويبكى لرحيلي ؟
أم إني أضعتْ الحبَ في لحظاتِ ضعفي وسوفَ يكونْ رحيلي كلحظاتِ النسيمِ يمر علي الخدينِ].
أرادت أن ترحلَ لحظةَ غروبِ الشمسِ.
فقالتْ لمن حولها:-
*[إن تذكرني أحد فلينتظرني عندَ الغروبِ لعلي أعودُ لحظةَ ضعفِ الاشتياقِ وإن لم أعودْ فأعلموا أن قلبي تمزق ولم أستطعْ جمعَ أشلاءهِ ].