بالبرية تعيش أسد فاجرة بأنياب حادة كاسرة ، وتعيش على نفس الأرض حمر مسالمة وعلى أذى الأسد
صابرة ، لا يسعها إلا الجرى لحظه هجوم الأسد وتتقبل نهاية تلك المغامرة ، الأسد تعلم أن الحمر
ليست كما يطلق عليها بوادى الغباء الذى يسكنه أحياء يلصقون تهمة الغباء بالحمر وشتان بينهما فى
رتبة الغباء حين يتعلق الغباء بالجرى وراء الاهواء وتصير الكلمة لمن لا يمكن أبدا وصفهم مهما
كانوا بالعقلاء ، علم ملك الأسد أن زمرة من الحمر تزور وادى الأغبياء وعددهم ليس بالهين كثيرون
فحدث كما تشاء فابتسم وقال مبتهجا " طالما خالطوهم فقد صار فيهم هذا الداء داء غباء سييسر عيشنا
كما نشاء " وأمر بقرطاس وقلم وكتب كلمات عذبة إلى حمر البرية يدعوهم للعشاء والتحدث
بمستقبلهم وعهد صلح ووفاق وازدهار ورخاء ومصافحة الحافر بالمخلب من أجل الغد لكن لم تكن
الحمر أبدا بهذا الغباء فضحكوا حين قرأوا تلك الكلمات وقالوا مكيدة ولا جدال إلا الزمرة المنشودة
قالوا " وما المانع من هذا الإتفاق وقول وداعا للعيش تحت كنف الخوف المطبق على الكل كغمامة بلا
انتهاء " ويهزون الرأس على أنغام السلام الواهم الذى وعدوا به من قبل ذى الأنياب وسط تعجب
العقلاء مما صار فى هذه الزمرة من داء حاول العقلاء منع المرضى من تلك الرحلة ذات الإتجاه
الواحد لكن لم يرو منهم إلا جدال تعلموه من وادى الغباء فقال زعيم العقلاء " دعوهم الآن علمت ألا
جدوى للنصح مع هذا الداء " وذهبوا واستقبلهم الملك بحفاوة الأقرباء وأغلقت الأبواب وراء آخر
حمار منهم ودقت الطبول وعزفت الألحان وأشار الملك للكل أن كفى فقد حان وقت الكلام
............ولم تسمع إلا قصيدة آهات دوى صداها للحمر فقال أعقلهم " يكفى الأسد صيد الأغبياء "