السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الموضوع مؤثر جدا .... يحكي عن اللحظات الأخيرة من حياة سيد الخليقة ، محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم ... اللحظات التي أبكت أبا بكر و أقعدت علي و أذهلت عمر ، و أفقدت عثمان صوابه ...
فالرجاء كل الرجاء قراءته بتأن و تبصر .
قبل الوفاة كانت آخر حجه للنبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع . وبينما هو هناك ينزل قول الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) ...
فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك في الآية ؟
فقال : هذا نعي رسول الله عليه السلام .
ورجع الرسول من حجة الوداع وقبل الوفاة بتسعة أيام نزلت أخر آية في القرآن : (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) .
وبدأ الوجع يظهر على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : أريد أن ازور شهداء أحد . فراح لشهداء أحد ووقف على قبورهم وقال : السلام عليكم يا شهداء أحد أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم لاحقون ، وإني بكم إن شاء الله لاحق.
وهو راجع ، بكى الرسول صلى الله عليه و سلم ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟ .
قال: اشتقت لإخواني .
قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟
قال: لا أنتم أصحابي ، أما إخواني ، قوما يأتون من بعد يؤمنون بي ولم يروني .
وقبل الوفاة بثلاثة أيام ، بدأ الوجع يشتد عليه وكان ببيت السيدة ميمونة فقال :
اجمعوا زوجاتي ... فجمعت الزوجات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتأذنون لي أن أبيت عند عائشة ؟
فقلن أذنا لك يا رسول الله.
فأراد أن يقوم فما استطاع ، فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس ، فحملوا النبي و طلعوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة . و كانت أول مرة يرى الصحابة الرسول محمولا على الأيادي ...
فتجمع الصحابة وقالوا: ما به رسول الله ما به رسول الله ؟؟
وبدأ الناس تتجمعون بالمسجد و المسجد يمتلأ بالصحابة ويحمل النبي إلى بيت عائشة.
فبدأ الرسول يعرق ويعرق ويعرق ... وتقول السيدة عائشة : بعمري لم أر إنسانا يعرق بهذه الكثافة ...
تقول السيدة عائشة فأسمعه يقول: لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات، لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ... فكثر اللغط
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا ؟
فقالت عائشة : إن الناس يخافون عليك يا رسول الله ...
فقال : احملوني إليهم ، فأراد أن يقوم فما استطاع .
فصبوا عليه سبع قرب من الماء لكي يفيق ، و حمل النبي وصعد به إلى المنبر ..
فكانت آخر خطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وآخر كلمات لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر دعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم
قال النبي : أيها الناس كأنكم تخافون علي
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أيها الناس موعدكم معي ليس الدنيا موعدكم معي عند الحوض، والله لكأني انظر إليه من مقامي هذا.
أيها الناس والله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم ...
ثم قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس الله الله بالصلاة الله الله بالصلاة ...
تعني (حلفتكم بالله حافظوا على الصلاة) فظل يرددها ثم قال: أيها الناس اتقوا الله في النساء أوصيكم بالنساء خيراً ثم قال: أيها الناس إن عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فأختار ما عند الله ... فلم يفهم أحد من العبد الذي يقصده ، سوى أبي بكر ، فقد كان يقصد نفسه ... لأن الله خيّره بين الحياة و الموت ...
و قد كان من عادة الصحابة ، عندما يتكلم الرسول يسكتون و كأن على رؤوسهم الطير ...
فلما سمع أبو بكر كلام الرسول لم يتمالك نفسه ، و أجهش بالبكاء ...
علا نحيبه (البكاء مع الشهقة) ، وفي وسط المسجد ، قاطع الرسول وبدأ يقول : فديناك بأبائنا يا رسول الله فديناك بأمهاتنا يا رسول الله فديناك بأولادنا يا رسول الله ...
فديناك بأزواجنا يا رسول الله فديناك بأموالنا يا رسول الله ويردد و يعيد و يكرر ....
فنظر الناس إلى أبي بكر شزراً ( متسائلين في ذواتهم ، كيف يقاطع الرسول بخطبته)
فقال الرسول: أيها الناس فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبا بكر فلم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلى الله عز وجل ... كل الأبواب إلى المسجد تسد إلا باب أبي بكر لا يسد أبدا .
ثم بدأ يدعو لهم ويقول في آخر دعوات قبل الوفاة : أراكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ، حفظكم الله ، ...
وآخر كلمة موجهة للأمة من على منبره : أيها الناس اقرؤوا مني السلام على من تبعني من أمتي إلى يوم القيامة وحُمل مرة أخرى إلى بيته ....
دخل عليه وهو بالبيت عبد الرحمن ابن أبي بكر وكان بيده سواك فظل النبي ينظر إلى السواك ولم يستطع أن يقول أريد السواك ، فقالت عائشة : فهمت من نظرات عينيه انه يريد السواك . فأخذت السواك من يد الرجل فأستكت به (أي وضعته بفمها) لكي ألينه للنبي وأعطيته إياه فكان آخر شيء دخل إلى جوف النبي هو ريقي ... و تضيف عائشة : كان من فضل ربي عليّ أنه جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت.
ثم دخلت ابنته فاطمة فبكت عند دخولها. بكت لأنها كانت معتادة كلما دخلت على الرسول وقف وقبلها بين عينيها ولكنه لم يستطع الوقوف لها .
فقال لها الرسول: أدني مني يا فاطمة .
فهمس لها بأذنها فبكت .
فقال الرسول مرة ثانية : أدني مني يا فاطمة .
فهمس لها مرة أخرى بأذنها ،
فضحكت .
و بعد وفاة الرسول ، سألوا فاطمة : ماذا همس لك فبكيتي وماذا همس لك فضحكت ؟ ! ...
قالت فاطمة : لأول مرة قال لي يا فاطمة إني ميت الليلة . فبكيت !
ولما وجد بكائي رجع وقال لي : أنت يا فاطمة أول أهلي لحاقاً بي .
فضحكت !
فقال الرسول : أخرجوا من عندي بالبيت .
وقال : أدني مني يا عائشة ، ونام على صدر زوجته السيدة عائشة ...
فقالت السيدة عائشة : كان يرفع يده للسماء ويقول : (بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى) فتعرف من خلال كلامه أنه يُخّير بين حياة الدنيا أو الرفيق الأعلى ....
فدخل الملك جبريل على النبي وقال: ملك الموت بالباب ويستأذن أن يدخل عليك . وما استأذن من أحد قبلك .
فقال له : إأذن له يا جبريل ...
ودخل ملك الموت وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله ؟
فقال النبي: بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى .
وقف ملك الموت عند رأس النبي (كما سيقف عند رأس كل واحد منا) وقال: أيتها الروح الطيبة روح محمد بن عبد الله اخرجي إلى رضى من الله ورضوان ورب راضي غير غضبان .....
تقول السيدة عائشة: فسقطت يد النبي وثقل رأسه على صدري فقد علمت أنه قد مات ...
وتقول لم أدر ما أفعل ...
فما كان مني إلا أن خرجت من حجرتي إلى المسجد حيث الصحابة وقلت: مات رسول الله ، مات رسول الله مات رسول الله ، فانفجر المسجد بكاء .
فهذا علي أُقعد من هول الخبر .
وهذا عثمان بن عفان كالصبي يأخذ بيده يميناً ويساراً .
وهذا عمر بن الخطاب قال: إذا قال أحد أنه قد مات ، فسأقطع رأسه بسيفي ، إنما ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى للقاء ربه ...
أما أثبت الناس ، فكان أبو بكر رضي الله عنه ، فدخل على النبي وحضنه وقال : واخليلاه واحبيباه وا أبتاه ، وقبّل النبي وقال:
فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى الناس وقال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ....
ثم خرجت أبكي وأبحث عن مكان لأكون وحدي وأبكي لوحدي.
هذه هي نهاية سيد الخلق ، و حبيب الله ...
فكل من قرأ هذه الحكاية ، ووجد في نفسه حبا للنبي، فعليه بأربعة أشياء :
اعمل الأربعة فستشعر أن حب النبي إلى قلبك ، قد تقوى لديك ، و أصبح أكثر من حبك لولدك ومالك و أهلك و ذويك .....
وغدا حساب بلا عمل
اللهم اغفر لنا و لكم ، و تبث إيماننا و إيمانكم ، و عافنا فيمن عافيت ، إنك على كل شيء قدير ، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .