اسرائيل هي دولة صغيرة في عالم كبير من العلم والتكنولوجيا، وقد حددت – مثلها مثل سائر الدول الصغيرة – سياستها بالنسبة للأنشطة العلمية والتكنولوجية بهدف التوصل إلى كفاءة عالية من التنافس. ففي المجال العلمي، تشجّع اسرائيل إقامة مراكز متفوقة يعمل فيها علماء بارزون وتسعى إلى الإحتفاظ بمستوى عالمي مقبول من حيث الإنجازات في مختلف المجالات العلمية. وفي مجال التكنولوجيا تسعى اسرائيل الى التوصل الى انجازات من خلال التركز على عدد محدود من المجالات. وتعتبر نسبة سكان اسرائيل الذين يعملون في البحث العلمي والتكنولوجي والمبالغ التي ترصد للبحث والتطوير بالمقارنة مع حجم الناتج القومي الاجمالي هي من أعلى النّسب في العالم. وإذا قورن عدد العلماء بحجم القوى العاملة، فإن اسرائيل تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد العلماء الذين ينشرون بحوثهم في مجال العلوم الطبيعية والهندسة والزراعة والطب.
مختبر فروتاروم, 1946. التصوير GPO ه. بين
بدايات
إن تاريخ البحوث العلمية في اسرائيل يشكل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ عودة الشعب اليهودي إلى وطنه. وكان تيودور هرتسل (1860-1904)، صاحب فكرة الصهيونية السياسية الذي دعا فعلا الى إقامة دولة يهودية حديثة على أرض اسرائيل، قد تصور هذه الدولة ليس كمقر الشعب اليهودي فحسب بل كمركز روحي وعلمي ذي أهمية كبرى بالنسبة للشعب اليهودي.
وكانت التطلعات التي راودت الزعماء لتحويل أرض اسرائيل من منطقة قاحلة موبوئة بالآفات والأمراض إلى دولة حديثة، عاملاً أساسياً في التركيز على البحوث العلمية وتحقيق التطور التكنولوجي. فالبحوث الزراعية تعود بدايتها إلى أواخر القرن ال 19 عندما تأسست المدرسة الزراعية "ميكفي يسرائيل" (1870). وفي عام 1921 أقيمت في تل أبيب محطة الدراسات الزراعية التي تطورت فيما بعد إلى "منظمة الدراسات الزراعية"، وهي الآن أكبر مؤسسة اسرائيلية في مجال الدراسات الزراعية والتطوير. أما البحوث الطبية ودراسات الصحة العامة فقد بدأت بالتطور قبل الحرب العالمية الأولى عندما تم تأسيس "محطة الصحة العبرية". وقد حققت هذه البحوث تقدماً عظيماً في منتصف العشرينات إثر إنشاء المعهد الميكروبيولوجي وأقسام البيوكيمياء وعلم الجراثيم والوقاية الصحية في الجامعة العبرية في أورشليم القدس، الأمر الذي أرسى القاعدة لإنشاء مركز هداسا الصحي. والذي يعتبر اليوم أهم معهد للبحوث الطبية في اسرائيل. أما البحوث في مجال الصناعة فقد بدأت مع إقامة "مختبرات البحر الميت" في الثلاثينات. كما بدأ تطوير الدراسات العلمية النظرية في الجامعة العبرية (تأسست عام 1925)، وفي المعهد الهندسة التطبيقية "التخنيون" (تأسس عام 1924 في حيفا) وفي مركز دانيئيل زيف للبحوث العلمية (تأسس عام 1934 في رحوبوت) وتطور فيما بعد إلى معهد فايتسمان للعلوم (عام 1949).
لدى تأسيس دولة اسرائيل (عام 1948 كانت في البلاد بنية تحتية علمية وتكنولوجية. وفي البداية تركزت الأبحاث على مشاريع ذات أهمية قومية وعلى هذا الأساس تم بصورة تدريجية تطوير الصناعات ذات الإتجاه التجاري.
الكوادر المهنية
إن الإحتياطي الكبير من الكوادر ذات الكفاءة الأكاديمية في اسرائيل هو صاحب الفضل في إنجازاتها العلمية والتكنولوجية . واستكمل 24% من المشاركين في سوق العمل 16 سنة أو أكثر من الدراسة . وإنضم عدد كبير من العلماء والمهندسين والفنيين المدرّبين القادمين من الإتحاد السوفياتي سابقا إلى القوة البشرية العاملة ويتوقع أن تزداد بصورة ملحوظة إنجازات اسرائيل في المجالين العلمي والتكنولوجي على امتداد عشرات السنين.