مشكل الماء وظاهرة التصحر في العالم العربي 2009/2010
تمهيد إشكالي:يواجه العالم العربي اخطر التحديات الطبيعية المتمثلة في ظاهرة التصحر ومشكل الماء وما لهذه الظاهرة من انعكاسات سوسيو مجالية خطيرة.فماهي مظاهر مشكل الماء وظاهرة التصحر في العالم العربي’?وماهي العوامل المفسرة لذلك’ وماهي المجهودات المبذولة لمواجهة هاتين المعضلتين”?
I-مشكل الماء وظاهرة التصحر في العالم العربي وخطورة الظاهرتين.
1-الموارد المائية في العالم العربي
يعاني العالم العربي في مجال المياه من :* نقص كبير في موارده المائية المتاحة(حجم المياه السطحية او الجوفية او هما معا الذي يمكن ان يستثمر جزئيا او كليا في وقت ما في مكان ما بإمكانات ما)
*تباين في توزيع الموارد المائية من منطقة جغرافية لأخرى :37.56%في منطقة وادي النيل واقلها في الجزيرة العربية ب5.56 %( انظر الخريطة ص 170) بحيث تطرح أزمة الماء بشدة في المناطق الجافة و الشبه الجافة كالشرق الأوسط و المغرب العربي.
* ضعف نصب العالم العربي من حجم الموارد المائية المتجددة في العالم اذ تشكل هذه الموارد ما نسبته 0.5% مما يجعل العالم العربي من اكثر المناطق فقرا للمياه في العالم.
2-خطورة مشكل المياه بالعالم العربي.
من المخاطر التي يطرحها مشكل المياه في العالم العربي:
*ضعف نصيب الفرد العربي من المياه وهو مرشح للمزيد من التراجع في المستقبل مع تزايد عدد السكان بحيث يصل إلى اقل من خط العوز أو الفقر المائي المحدد في 1000م³للفرد في السنة إذ سيصل سنة 2025الى 354 م³لفرد.
*تباين نصيب الفرد من المياه في الوطن العربي بحيث يسجل أعلى معدل بأكثر من 1000 م³ في كل من المغرب والسودان والعراق واقل معدل في كل من ليبيا ودول شبه الجزيرة العربية بأقل من 164 م³.
*أصبحت الموارد المائية تشكل مصدر صراع وعدم استقرار في العالم العربي سواء حول المياه السطحية او الجوفية كالصراع بين إسرائيل و كل من فلسطين والأردن ولبنان وسوريا.وبين العراق وإيران .العراق وسوريا مع تركيا.وبين مصر والسودان مع إثيوبيا…(.انظر الخريطة الوثيقة7ص171).
ومما يزيد من خطورة الأمر أن معظم الموارد المائية المهمة في الوطن العربي تتحكم في منابعها دول غير عربية كتركيا وإيران وإثيوبيا والتشاد وإسرائيل والسينغال.مما يجعل العالم العربي مهددا في أمنه المائي إلى جانب تهديد العوامل الطبيعية كالجفاف والتصحر.
3- ظاهرة التصحر في العالم العربي.
التصحر ظاهرة طبيعية تتجلى في تدهورانتاجية الأراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة والشبه الرطبة بسبب التغيرات المناخية و الأنشطة البشرية ومن مظاهره في العالم العربي:
* ارتفاع نسبة الأراضي المتصحرة حيث تصل الى. 4 .68% من المساحة الإجمالية للعالم العربي مع تباين حدتها من منطقة الأخرى حيث ترتفع هده النسبة في بلدان المغرب العربي ب48.5% وتقل في منطقة الهلال الخصيب ب2.7%
*انتشار ظاهرة التصحر في شكل حالات متعددة موزعة بين مناطق تتفاوت فيها درجة التدهور البيئي وهي: مناطق ذات تصحر طفيف حيث التدهور البيئي في بدايته خاصة التربة والغطاء النباتي .- تصحر معتدل تتميز بانخفاض كثافة الغطاء النباتي و انجرا فات خفيفة للتربة - تصحر شديد حيث التصحر في مرحلة متقدمة ونشاط كثيف للتعرية بكل أنواعها - تصحر شديد جدا تصبح في الأرض جرداء بدون غطاء نباتي وغري منتجة ومن الصعب استصلاحها.
*تهديد ما تبقى من الأراضي في العالم العربي غير المتصحرة بالتصحر مع تباين حدة هذا التهديد من بلد الآخر(المبيان الوثيقة10ص172) .فالي جانب 68.4%المتصحرة في العالم العربي توجد 20%مهددة بالتصحر بيمنا الأراضي غير المتصحرة لاتمثل سوى %11.6.
4- خطورة مشكل التصحر
من المخاطر المترتبة عن ظاهرة التصحر في العالم العربي:*
* زحف الرمال على المناطق الزراعية والرعوية وتهديد التجمعات السكانية من قرى ومدن حيث يزحف التصحر بمعدل90الى100كلم سنويا في السودان .ويهدد المجال الزراعي في مصر .
*يطرح مشكل التصحر بالعالم العربي مشكلة الأمن الغدائي في ترابط مع مشكل المياه بحيث أصبحت معظم البلدان العربية غير قادرة على إنتاج حاجياتها الغذائية مقابل تزايد عدد سكانها مما جعلها تعتمد على الخارج لتامين حاجياتها الغذائية المتزايدة.
II-مشكل الماء وظاهرة التصحر في العالم العربي.
1- بعض العوامل المسؤولة عن مشكل الماء.
يمكن حصر هذه العوامل في:
* ضعف كمية التساقطات في العالم العربي وتباينها من منطقة لأخرى بحيث أعلاها لايتعدى 500ملم سنويا وفي مناطق محدودة بينما اقلها يصل الى250ملم في اغلب المناطق .(انظر الخريطة ص174).
*الهدر والضياع الكبير في كمية المياه خاصة في المجال الزراعي بسبب طبيعة نظام الري التقليدي والاستخدام الجائر للمياه الجوفية المرتبط بتوسيع المجال الزراعي وما ترتب عن ذلك من تراجع للموارد المائية والى تملحها.
*تحكم دول الجوار غير العربية في أهم الأنهار ذات الطبيعة الدولية كنهر النيل ودجلة والفرات ونهر السينغال والتي تتحكم في أكثر من 88% من مياه هذه الأنهار مما يزيد من حدة مشكل المياه بالعالم العربي..
2-العوامل المسؤولة عن ظاهرة التصحر.
يمكن تصنيفها إلى : عوامل طبيعية وتتمثل في التقلبات المناخية بتكرار وطول فترات الجفاف وما يترتب عن ذلك من ندرة للمصادر المائية الدائمة وارتفاع في درجة الحرارة وشدة الرياح.
عوامل بشرية :ناتجة عن : الاستخدام السيئ للأرض عن طريق الزراعة المكثفة غير السليمة .وتوسع المدن على حساب المجال الزراعي .
الاستخدام السيئ للغطاء النباتي من خلال الرعي الجائر وقطع واجتثاث وحرائق الغابات .والتوسع العمراني .
الاستخدام السيئ للمياه باستنزاف المياه الجوفية بسبب الضخ المفرط للمياه و.استخدام أساليب ري غير فعالة تساهم في هدر المياه خاصة في المشاريع السقوية ..
III-المجهودات المبذولة لمواجهة مشكل الماء ومكافحة التصحر في العالم العربي
1- نماذج من الجهود المبذولة لاستثمار الموارد المائية التقليدية و غير التقليدية.في العالم العربي
*نموذج لاستثمار الموارد المائية الجوفية في ليبيا(مياه تقليدية):يتمثل في استغلال المخزون الضخم من المياه الجوفية في الصحراء الليبية لمواجهة خطر التصحر ومشكل المياه عبر إقامة مشروع ضخم في شكل نهر صناعي حيث يتم نقل 5.68مليون متر مكعب من المياه يوميا من جوف الصحراء إلى المناطق الزراعية العمرانية الممتدة على طول الساحل الليبي بواسطة منظومة ضخمة من الأنابيب باستخدام احدث المعدات و الأساليب التقنية المعاصرة و خلق مجالات مسقية في الجنوب الغربي (منطقة فزان) والجنوب الشرقي (منطقة الكفرة).(الخريطة ص175)
ومن أهم النتائج المرجوة من المشروع :* إيقاف الاستنزاف الهائل من المياه الجوفية في الساحل-* إيقاف هجرة سكان الأرياف إلى المدن-* تهيئة الشعب الليبي لمرحلة ما بعد النفط-* استزراع نحو 180 ألف هكتار بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الغذائية-* تربية ثلاثة ملايين رأس من الغنم-* توفير المياه اللازمة للصناعة و الشرب في المدن و القرى على طول الساحل-* خلق فرص عمل جديدة من خلال تطوير المشروعات الزراعية و الصناعية القائمة.
*نموذج للاستفادة من الموارد المائية غير التقليدية في الخليج العربي(تحلية مياه البحر): لحل أزمتها المائية،لجأت دول الخليج إلى تقنية تحلية مياه البحر رغم كونها مكلفة من الناحية المالية(حوالي مليار دولار للمحطة) وتتركز جل محطات التحلية على ساحل البحر الأحمر والخليج العربي حيث أصبحت تساهم دول الخليج العربي ب53.11% من الإنتاج العالمي لتحلية المياه وعلى رأسهم السعودية بينما نصيب العالم العربي ككل من هذا الإنتاج % 62.5.
2-المجهودات المبذولة لمكافحة التصحر.(انظر الخطاطة ص177)
في مجال الغابات
- محاربة القطع والرعي الجائر - تشجير المناطق المتدهورة من الغابة - إقامة المحميات الطبيعية وتسييجها-حماية الأصناف النباتية المهمة-وضع قوانين وتشريعات قادرة على حماية الثروة الغابوية- تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية للمواطنين بأهمية الغابة وضرورة المحافظة عليها….
في مجال التربة
حماية التربة من كل أشكال التعرية و الانجراف -محاربة تملح التربة عن طريق ترشيد وعقلنة الري-مكافحة تلوث التربة بسبب الاستعمال المفرط للأسمدة والمبيدات الكيماوية - تثبيت الكثبان الرملية لمواجهة زحف الرمال على المناطق الزراعية…
في مجال الموارد المائية
- حماية الموارد المائية من التلوث- بناء السدود بمختلف أحجامها- وضع قوانين وتشريعات تقنن عملية حفر الآبار واستغلال المياه الجوفية والسطحية في السقي- البحث عن مصادر مياه بديلة كتحلية مياه البحر وإعادة استغلال المياه غير التقليدية..
في مجال المراعي
حماية المراعي الطبيعية من الرعي الجائر- استصلاح المراعي عن طريق التشجير وغرس أصناف نباتية ملائمة- الاهتمام بالزراعات العلفية - الاهتمام بالرعي المكثف في الحظائر (الإسطبلات والمراعي الاصطناعية )للتخفيف عن المراعي الطبيعية- عصرنة قطاع تربية الماشية بإقامة وحدات للتسمين وأخرى لإنتاج الحليب.وتحسين السلالات .-التوعية والتحسيس بمخاطر الرعي الجائر و قطع أشجار الغابة على المجال الرعوي-..
خاتمة: يتضح مما سبق أن العالم العربي يواجه اخطر تحدياته الراهنة والمتمثلة في مشكل الماء وظاهرة التصحر وما يترتب عنهما من مشاكل وتحديات كبرى كالفقر المائي والعطش وعدم القدرة على تحقيق الأمن الغدائي في غياب امن مائي مع احتمال الدخول في صراعات إقليمية حول المياه مما يهدد بعدم الاستقرار والأمن في المنطقة.وهو ما يستوجب تعزيز العمل المشترك لمواجهة هده التحديات والمرشحة للزيادة مع تزايد عدد سكان العالم العربي(زيادة الطلب على الماء والغذاء)