دخل خالد الامتحان ونظر إلى الورقة ثم نظر ثم عبس واكفهر أجاب على ما يعرف وخمن ما لا يعرف وترك منها أكثر مما كتب…
شعر بتحدي المعلم له ووقوف الظروف أمامه والمثبطين من خلفه فأظلمت الدنيا ببياض تكل الورقة التي أسرته خلف قضبان الفشل!
سلم ورقته يصارع دمعته سلم ورقته وكأنه يسلم ورقة إدانته بالقصور والضعف والفشل خرج من القاعة بعد أن خرجت طموحاته من عقله وزفراته من قلبه خرج وقد أعد حقيبة سفره من عالم التميز وعالم الأذكياء وعالم الناجحين ….
أخرج نفسه قبل أن تخرجه معايير المجتمع وتوارى بعيدا قبل أن تجرحه نظرات الآخرين وتحرجه كلماتهم خرج مكرها بسيف التصنيف المتخبط الجائر خرج خالد وهو يردد : أنا غبي أنا قاصر أنا لا استطيع أنا هكذا لا يمكن أن أملك عقل أحمد الطالب الذكي العبقري الفذ الذي أحرز درجات عالية في معظم المواد
خرج ليبحث له عن مكان بين الركام بعيدا عن قمم الأذكياء خرج ليجد بين الركام أعدادا هائلة من الطلاب الذين أقصاهم المجتمع بمطرقة الموهبة والتفوق والامتياز وسندان الضعف وعدم الاجتياز
لست ضد الفروق الفردية ولست أنكر تباين العقول ولكنني ضد التصنيف الجائر الذي يضيق واسعا وضد اعتبار النجاح الحقيقي في التحصيل الدراسي فقط
ولا يخفى على الكثير قصور المناهج عن تلبية الاحتياجات المتغيرة ومخاطبة الذكاءات المتعددة فكيف لنا أن ننساق خلف ثقافة تجعل التحصيل الدراسي دليل غباء وذكاء وفشل ونجاح وقدرة واستحالة
وقد أثبتت الدراسات أن المنفوقين دراسيا الذين يعتمدون على القص واللصق والتلقي والتفريغ لا ينجح منهم في الحياة سوى 3% فقط درجاتي ليست دليل قدراتي
في دراسة في ولاية كاليفورنيا عام 1921 – شملت 250 ألف طالب أجري لهم اختبار الذكاء 10 فلم يصل إلى درجة الموهبة سوى 1470 طالبا فقط وبعد مرور 40 عاما تم تقصي أخبار هذه المجموعة العبقرية فكان أقصى ما وصلوا إليه أن كان أحدهم سياسي في إحدى المجالس البلدية
والآخر كاتب شبه معروف بينما تمكن اثنان ممن تم إقصاؤهم من زمرة العباقرة من الحصول على جائزة نوبل ؟!
وقد تحدث أحد الأساتذة الجامعيين أن أكبر تحد يواجههم هو في نوعية المحاضرين المعيدين الذين يتقون البحث والقراءة والكتابة ويخفقون في كل مهارات الحياة الأخرى
ينبغي أن نشعر الطلاب بأن النجاح الحقيقي لا يقتصر على حفظ تعريف أو فهم معادلة وإنما أن يتبع ذلك جودة في الاتصال والتعامل والخلق ويعلن لهم أن ما حصلوا عليه من درجات في شهاداتهم لا يقيس قدراتهم ومستوى عقولهم بل يقيس ما بذلوه من جهد في التحصيل
( درجاتي ليست دليل قدراتي وإنما حصيلة اجتهادي )عبارة لو استقرت في عقول الطلاب لما اتهم أحد نفسه بالقصور ولما سمح لأحد أن يتهمه بالغباء بمجرد إخفاقه في وريقات لا تعكس حقيقة ما يحويه ما تحت قبعته وبين أذنيه
مقال أوجهه لخالد ولهدى ولمن يشعر بمشاعر هؤلاء مقال لا يدعو للكسل ولا يسوغ للمقصر ولا يهون على المخفق وإنما يزيح التراب عن طريق أخر للنجاح في الحياة غير طريق الشهادة الدراسية التي تعد الطريق الأقصر وربما الأيسر للنجاح لكنها أبدا أبدا أبدا ليست الأوحد أو الأفضل
خالد انطلق من جديد فكلكم خالد فشهاداتكم ليست ذاتكم
انطلقوا { فكل ميسر لما خلق له } انطلقوا فالفرص كثيرة والخيارات متعددة والله سبحانه رحيم بك كريم عليك عليم بما يصلح لك فأحسن الظن بربك واسع جاهدا فوق أرضه وتحت سمائه .
ومضة قلم :
ليس الفرق بين الناجح وغيره في قدرات كل منهما بل في رغبة كل منهما في بلوغ أقصى ما يمكنهتت