ماذا بعد مطلب الإصلاحات الدستورية؟
يتضح من خلال الخطاب الملكي ، ليوم الأربعاء 09/03/2011، أن جلالته حسم في مطلب الإصلاحات الدستورية، التي نادت بها مختلف القوى السياسية والجمعوية والهيئات المعارضة ، بإعلانه على إصلاحات دستورية عميقة ، تجاوزت الفصل 19 الذي كانت تركز عليه مختلف القوى.وهذا يدفعنا لطرح التساؤلات التالية :
فهل ستقتنع القوى المطالبة بالإصلاحات الدستورية ( أحزاب سياسية - سواء منها المؤيدة للنظام أو المعرضة له - ؛ نقابات ؛ جمعيات المجتمع المدني ؛ حركات شبابية ...) بهذه الإصلاحات المعلن عليها ، وتنخرط في عمل جدي ونزيه للنهوض بشأن البلاد والعباد؟؛
هل ستتخلى الأحزاب السياسية ومسئوليها عن ذريعة الإصلاحات الدستورية ، لتبرير فشلها في تحقيق برامجها ؟؛
وهل ستختفي الاحتجاجات ، من شوارعنا ، والاعتصامات ، من أمام إداراتنا ؟
ادن بالنظر لشمولية الإصلاحات المعلن عليها ، فلن يبق أمام كل القوى التي كانت تطالب بها، إلا أن تنخرط بشكل ايجابي في صياغتها وإخراجها لحيز التطبيق. كما يفرض عليها أن تجند مختلف هياكلها لتوعية الجميع بأهميتها .
إن إقرار هذه الإصلاحات الدستورية ، يحتم على مختلف القوى السياسية أن تغير من خطاباتها ومن هياكلها ، بنهج إصلاحات مماثلة تقتضي اعتماد الديمقراطية في رئاستها ومكاتبها ، واختيار أشخاص يتحلون بالنزاهة والثقافة والماضي النقي ؛ وذلك حتى تقدم فئة منتخبة ، تبتعد على الفساد والاختلاس هدفها خدمة الصالح العام ، وتلبي بذلك طموحات ومطالب الشعب والملك ، الذي لبى مطالبها .
وتفرض على الشعب أن ينخرط ، أيضا ، في صياغتها بواسطة الجمعيات الممثلة له ،
وأن يعبر عن وعيه ، من أجل القضاء على الفساد والمفسدين ، باختيار ممثليه من الأشخاص الذين ينأون على هذه الصفات المنبوذة. ولن يتأتى ذلك إلا بالمشاركة الكثيفة في الاستحقاقات الانتخابية ، لسد الطريق ، أمام المتاجرين في أصوات الناخبين ، وفي بؤس المستضعفين – فكريا وماديا – لأن قيمة بيع الأصوات ( 50 أو 100 درهم أو اكتر ) لا تخرج من الفقر بقدر ما تكرسه ، وتتيح الفرص للناهبين ( لأنهم يعتبرون شراء الذمم بمثابة استثمار مضمون النتائج ).هذا بالعلم أن الوزير الأول سيحدد من الحزب الذي احتل المرتبة الأولى في الانتخابات ، أي الذي اختاره الشعب ، وحتى لا يتكرر ما وقع في الوقت الراهن .
وعليه ، فمهما كانت الإصلاحات ، ومهما تعددت ، فإن لم يواكبها تغيير في العقليات ( عقليات المسير والمسير ؛ الناخب والمنتخب ...) ؛ فستضل شكلية ونتائجها محدودة . فإلى أي حد يمكن لتلبية مطالب الشعب ، بإقرار إصلاحات دستورية عميقة ،أن يسهم في القضاء على مظاهر الفساد بالمغرب ، وتحقيق تنمية مستدامة فيه بتبني سياسة الجهوية الموسعة ؟.