أحلام ثقيلة
إلياس فوزي الريس (سورية)
في كل مرة وأنا في طريقي إلي العمل ، أطرح سؤالا على نفسي ، لم أنا هنا ؟ ولماذا اختارت لي أيامي عملا لم أعد أتحمله ولم يعد يتحملني هو؟ دائما أفكر كيف لي أن أكسر الروتين ، فظروف عملي وطباع رؤسائي كلاهما كانا من الوزن الثقيل ، بحيث لم أعد لأتحمل ثقلهما معا.
هذا ما كنت أفكر به أما الآن فساقص عليكم ما حدث لي بسرعة فلا أريد أن يطول حديثي معكم وأيضا أرغب بإجابة لسؤال سأسألكم أياه في النهاية ...
ذات يوم وفجأة وفيما أنا أذهب إلى هناك (العمل) ، رأيت شخصا طويل القامة ، أنيق الشكل ،كنت ألمحه يرافقني منذ بداية الطريق ، في البداية لم أعره أي أهمية ، تابعت مسرعا حتى أصل باكرا.
جلست على المكتب وطلبت قهوتي الاعتيادية ، وإذ ومن خلفي يأتي صوت غريب قائلا:
فنجانان من فضلك .
استغربت من هذا الصوت ، التفت فرأيت نفس الشخص الطويل:
-من أنت رأيتك ترافقني صباحا إلي العمل ، وها أنا أراك داخل العمل ، ماذا تريد؟
-لا أريد شيئا منك ، ولكني سأحقق لك شيئا دائما ما تطلبه.
-إني لا أطلب شيئا.
-بلى.. أنت دائما تفكر كيف يمكن أن تصبح مديرا لهذا العمل وأنا هو حلمك الذي سيحقق لك ذلك،، وواجبي مرافقتك حتى تصيب هدفك.
-إذا كنت حلما .. كيف تتجسد وتصبح إنسانا!
-هواجسك ورغبتك الشديدة هي التي أيقظتني وأوجدتني.
من هذه اللحظة وهو معي في كل مكان . في بيتي وعملي ونزهتي وفي أفراحي وأحزاني ، كنت أتبادل الحديث معه تارة ، وفي كل مرة كان يذكرني أنه مجرد حلم، حلم سيغادرني يوما.
وبالفعل ذات صباح مشرق ، أذكر استيقظت دون أن أجد صديقي الثقيل، بحثت عنه في كل أقبية المنزل فما من أثر ، للحظة شعرت بالسرور لأني أخيرا تخلصت منه ، ارتديت ثيابي وتوجهت إلي العمل وما إن رآني زملائي حتى أخذوا يبتسمون لي ويقولون :
مبارك.... مبارك يا أستاذ ، مبارك المنصب الجديد.
عرفت فيما بعد أن رئيس الشركة قد أطاح بالمدير السابق ،ونصبني أنا مديرا جديدا ،لم أتمالك نفسي في البداية كانت فرحتي لا تجاريها فرحة ، وعرفت لحظتها لماذا فارقني ذلك الأنيق ، فالحلم أصبح حقيقة . ذهبت إلي المكتب الجديد بسرعة ، دخلت من الباب الذي كان دائما يخيفني وإذ هناك أربعة أشخاص داخل المكتب، كانوا متشابهي الملامح ، وكانوا جميعهم يبتسمون لي ، سألتهم:
-عفوا .... لكن من أنتم؟
قالوا: نحن أحلامك الجديدة.
قال الأول: أنا حلمك في أن تصبح رئسا لهذه الشركة ، وقال الثاني: وأنا حلمك في أن تستبدل منزلك، وقال الثالث: أنا حلمك في ان تبتاع لنفسك سيارة جديدة ، وقال الأخير: وأنا حلمك في أن يصبح لديك رصيد مصرفي كبير.
عندها تغير السؤال في نفسي فعندما كنت لا أملك سوى حلم واحد كانت حياتي عسيرة ومتعبة ، أما الآن فقد أصبح عندي أربعة ، اخبروني أرجوكم ماذا أفعل بهم؟