يارب لقني تلك الكلمات ، لقد سمعتها كثيرا وكنت أرددها عندما أسمع الأذان ، لقد سمعت أن من يقولها يكون نطقها سهل علي شفتيه في تلك اللحظه
ولكني أشعر الآن انها بعيده جدا عني.. لقد كنت أشهد علي شيء ، ما هو هذا الشيء ؟ عقلي توقف عن التذكر مع اني دائما كنت قوي الذاكره، لقد كنت أحفظ هواتف كل من أعرفهم وكان اصدقائي يحسدونني علي ذلك
هل أستطيع الآن تذكر هاتف ندا ؟ نعم بالطبع وكيف أنساه ؟ لقد كانت حب حياتي الأول والأخير ، كانت أجمل فتاه بالجامعه والجميع يتهافت علي صداقتها ولكنها أحبتني أنا . عشنا قصه حب جميله كنا نحلم بالبيت السعيد والمستقبل وبعد تخرجنا كنت جبانا وتخليت عنها فمسئوليات الزواج كبيره ،، ماذا يجعلني أتحمل مسئوليه منزل وأولاد ومصاريف وفواتير وانا كنت دائما الشاب المدلل من أبويه ؟
كسرت قلبها وأتذكر منظرها بالفستان الأبيض تزف الي رجل غيري .. رجل لا تحبه
يا الله ، لماذا أتذكر تلك الذكريات الآن ؟ أنا في لحظه حرجه جدا فمنذ صدمتني تلك العربه السوداء وسيارتي تدور في الهواء
بماذا كنت أفكر منذ قليل ؟ نعم .. أريد أن يلقني أحد تلك الكلمات ، الطريق ممتليء بالناس ، بالتأكيد هم يحفظون تلك الكلمات ، الا يستطيع أحد أن يقولها بصوت مرتفع حتي أسمعها وأرددها خلفه ؟؟
لماذا تلك اللحظات طويله هكذا ؟ الا يموت الانسان في لحظه ؟ أكاد أشعر انها عمر آخر ،، الوقت ... الوقت دائما ما كان يحيرني
لا اجده عندما أريده ، ويمضي علي بطيئا مملا عندما أكون مهموما وكثيرا ما كنت افكر .. هل الدقيقه هي نفسها ال 60 ثانيه المعتاده ؟ ام انها احيانا تطول وتقصر حسب الظروف ؟
وماذا عن الآن ؟ كم مر علي ؟ 10 ثوان ؟ 20 ؟30 ثانيه ؟ ولكنها طويله ومؤلمه حقا
هل لا زالت عربتي تدور ؟ لا أدري ، لا أكاد أري شيئا فالظلام قد أشتد مع اني غادرت عملي مبكرا اليوم , ربما هو وقت العصر...
يارب بحق كل خير قمت به في حياتي ذكرني بتلك الكلمات
بحق ... بحق ماذا ؟
نعم ، بحق تلك المرأه التي ساعدتها في حمل حقائبها بالمطار ، لا لا داعي لتلك المرأه فبعد أن ساعدتها رمقتها بنظره اعجاب متفحصا اياها من قمه رأسها وحتي ... لا
لقد ذكرتني يومها بندا فوجهها جميل مثلها ، كيف هي ندا الان ؟ وكيف ستتقبل النبأ ؟ هل ستحزن من أجلي ؟ أم ستستريح من مطاردتي لها ؟
لقد اسأت في حقها كثيرا ولم أتركها في حالها بعد زواجها بل ظللت أطاردها وأحادثها عندما لا يكون زوجها بالمنزل وألححت عليها في طلبي مقابلتها
وكم رفضت وصدتني ولكني ظللت أضغط عليها عاطفيا
واشعرتها اني مدمر نفسيا وانها الوحيده القادره علي مساعدتي
ندا !!! انها تنتظرني الآن في المكان المتفق عليه
هل تأخرت عليها ؟ كم مضي علي في السياره ؟
الحادثه لا تأخذ الا ثواني ولكن كل ثانيه تمر علي كساعه
الوقت والحيره ثانيه ...
في ماذا أفكر ؟ ما تلك التفاهات ؟ هناك أهم من ندا ومن الدنيا كلها
آخر مشهد رأيته قبل الحادثه كان مسجد علي الطريق ، مسجد صغير بقبه خضراء ومئذنه عاليه
أليس الآن موعد آذان العصر ؟ المغرب اذا ؟ أتمني أن يكون موعد صلاه ما فقد أسمع تلك الكلمات وأرددها ..
لماذا لا يؤذن ؟ أذن يا رجل .. انطق ... أنا علي وشك الهلاك وأنت من ستنقذني
لا ليس أنت من في يدك أنقاذي ... ياااارب انقذني واغفر لي وخذ بيدي ،، هل فات أوان الندم والمغفره ؟ رحمتك واسعه يا غفار
يارب لطالما رأيت منظر البحر والسماء من فوقه يكادان يختلطان ببعضهما والطيور تدور وتدور وكأنها تسبح بحمدك .. ووالله أتذكر انه قد دمعت عيناي من ذلك المشهد المهيب وقلت وقتها سبحان الله
وكثيرا ما تأملت في خلقي وفكرت كيف ان كل عضو في جسدي يعمل بتلك الدقه وكلما تبحرت في دراسه الطب كلما قلت سبحان الله والحمد لله الذي خلقني في أحسن تقويم ...
وأنا صغير كنت أقرأ قصص الصحابه وكانوا هم مثلي الأعلي وكنت أتباهي باسمي الذي هو علي اسم عمر بن الخطاب وكان اصدقائي يسخرون مني بسذاجه فقد كان مثلهم الأعلي مغني مشهور او لاعب كره
وكثيرا ما حاولت أن اهدي صديقي المسيحي الي الاسلام وقرأت بسبب ذلك اجزاء من كتب دينيه ومقالات حتي استطيع أن أوثر عليه ،، حقيقي هو لم يسلم ولكن هل أطمع في بعض الثواب علي مجهودي هذا ؟؟
أتذكر يا الهي ذلك الرجل المسكين الذي أغمي عليه في الطريق ذات مره وأوصلته لأقرب مستشفي
وزميلي في العمل الذي اختلف مع رئيس القسم فأراد الرئيس ان يعاقبه ولم يقف معه أحد من الزملاء خوفا ونفاقا ، ولم يقف معه من البشر سواي .. حتي أظهرت انت الحقيقه وأعدت اليه حقه كاملا ؟
لقد كنت حقا انسانا علي خلق .. ما الذي غيرني اخيرا وجعلني أقع في المعاصي ؟ الظروف القاسيه تحكم علينا أحيانا أن نسلك طريقا لا نريده
ما هذا الهراء ؟ أي ظروف تلك التي تجعلنا نعصي الله ؟ انه منطق الفاشلين الذين يعلقون اخطائهم علي أقرب شماعه يجدونها
هل أصبحت فيلسوف فجأه ؟ وهل هذا وقت فلسفه ؟ أريد حلا لمشكلتي .. كم تبقي لي من الوقت ؟ دقائق ؟ ثواني ؟ هل انتهي امري بالفعل ؟؟
يارب اني لا أزكي نفسي ولكني أتوسل اليك بكل عمل خير قمت به حتي وان كان صغيرا ، أن ترضي عني وتلقني تلك الكلمات الحبيبه الي
والله انها لحبيبه عزيزه علي وان كنت أغضبتك قبلا فالآن أعلن توبتي
اغفر لي
ما هذا الصوت الذي أسمعه ؟ هل هو الآذان ؟؟
الله أكبر ، الله أكبر
لا أكاد أصدق !! هل هو عفوك يا الله ؟
هل غفرت لي ؟
أشهد ان لا اله الا الله
انه أجمل صوت سمعته في حياتي .. نعم ، أشهد الا اله الا الله وان محمدا رسول الله
الحمد لله .. استطيع الآن أن أغمض عيني وأنا مطمئن
--------
" حمد الله بسلامتك دكتور عمر "
" مضت أيام وانت في عالم آخر "
" لم نسمع منك الا بعض تمتمات وكانت أشبه بـ الحمد لله "
" احمد الله علي سلامتك ، لقد مررت بتجربه مؤلمه "
-------
والله أبدا ، لم تكن مؤلمه ، بل كانت تجربه رائعه ، يكفي انها منعتني من ارتكاب المزيد من المعاصي ، لقد كنت قريبا من ربي بشكل لم أصل اليه من قبل
ما أجمل ضوء الشمس الآتي من النافذه
الحياه جميله .. أشعر براحه نفسيه .. أشعر اني خفيف
هل خف وزني بعد الحادث ؟ أم رفع ربي عن كاهلي تلك الذنوب فأشعر بالراحه ؟
--------
تظل تنظر اليه الممرضه ولكنها لا تسمع شيئا منه فتتركه وتغادر الغرفه بهدوء خاصه أنها رأت دمعتين تنحدران علي وجهه وهو يحدق في النافذه المفتوحه ...
وتسمع وهي تغلق الباب صوتا يردد " لا اله الا الله ، محمد رسول ال