أميرة الظلام 1
| موضوع: تستغيث بصوت مبحوح الإثنين 11 مايو 2009, 09:54 | |
| قست ظروف العيش بالقرية على خديجة فساقتها للعمل عند إحدى الأسر الثرية بالمدينة . لاحظ أهل البيت صفاء محياها الذي تنبعث منه ابتسامات وضاءة تزيدها جادبية وجمالا . إنها في عنفوان الحيوية والنشاط ، على عتبة السنة التاسعة عشرة من عمرها . توجست مشغلتها وظنت الظنون . فضاقت رحابة البيت وشساعته بوجودهما معا .
استعرضت في مخيلتها ما سيحل ببيتها بوصول هاته الخادمة . خادمة جميلة في مقتبل العمر ، وزوج لا زال غير ثابت ولا متزن . لم يستطع - كعادته - إخفاء المبالغة باهتمامه بالوافدة الجديدة . وكشفته حركاته ونظراته ، وأفصحت عن نواياه مجاملاته وعباراته . ورددت مع نفسها : أعرف عن سلوكاته المارقة الشيئ الكثير . والآن تيقنت من شروعه في الانزلاق عن مساري الجد والرزانة مرة أخرى .لكني لا أقوى على الإفصاح عن هواجسي ، مخافة أن أتهم بالغيرة والحسد . سألجأ إلى وسائل أخرى . طوقت بعناية كل تصرفاته ، وأحاطته بالمزيد من الحرص والتتبع ، إلى أن حل موعد سفره المعتاد لتدبير تجارته بأسواق بعيدة عن مدينته كما منعت الخادمة من لباسها وأعطتها أطمارا تليق بالخادمة في نظرها ، ومنعتها من التواصل والاحتكاك بكل أفراد الأسرة ذكورها وإناثها . تجلس الخادمة منفردة ، وتأكل وحدها وتستقر دائما بالقبو داخل المطبخ ، وتشتغل ليل نهار . لم تأبه الخادمة بكل ذلك تعمل بحيوية ونشاط ، لا تهتم إلا بنفسها وواجباتها في البيت . استغربت المشغلة أمرها ، وازداد ضيقها وخوفها أمام صلابة الخادمة وتحديها ، فأخذت تختلق أسبابا لشتمها وإهانتها . ثم طورت أسلوبها إلى الحرمان من الراحة والأكل . تحملت خديجة الجوع مدة إلى أن فرغت ذاتها ولازمتها أمغاص المعدة و الأمعاء . ومع الأيام فقدت الصبر والتحمل . إنها تتضور جوعا . أرهقها التعب وأفنتها القسوة والحرمان . اضطرت مراراإلى البحث في كل أرجاء البيت عن بقايا طعام تسد به رمقها ، ولكن هذه المرة بدون جدوى . إلى أن شعرت بجهد وعياء غريبين فآوت إلى أحد أركان المطبخ . ضغطت على أمعائها بدراعيها وأخذت تصغي إلى ترانيم غليانها . لف المكان صمت رهيب ، امتزجت فيه أنفاسها بنبضات قلب يصارع من أجل البقاء . تتناهى إلى سمعها دقات بطيئة وغائرة ، كدقات طبول جيوش زاحفة مستعدة للمعركة . اشتدت عليها الآلام فأخذت تصيح مستغيثة بصوت منهك مبحوح إلى أن أغمي عليها لم تدر ماذا جرى . لما أفاقت وجدت نفسها على سريربالمستشفى . أشفق الطبيب المعالج من حالها ، وخاصة لما عرف أنها يتيمة الأب والأم ، تتمتع بنصيب وافر من الحسن والفطنة والذكاء . لقد مكثت بالمستشفى أزيد من شهر ولم يسأل عنها أهل ولا أقرباء . بعد علاجها ، ومطالبتها بمغادرة المستشفى ، رق الطبيب لحالها ، وحملها لتعيش مع أبنائه . رحبت بها سيدة البيت ، واعتبرتها أختا صغيرة ببيتها . أخذت الوافدة تقرأ وتتعلم ، وتساعد جهد المستطاع في أشغال البيت . وتشبعت وسط اسرتها الجديدة ، بمقومات سلوكهم القويم ، وأخلاقهم الفاضلة . وعاشت بينهم أسعد أيامها ، إلى أن زفت إلى بيتها بعد أن تزوجها أحد أصدقاء هذه الأسرة . | |
|
youssri Admin
| موضوع: رد: تستغيث بصوت مبحوح الإثنين 11 مايو 2009, 17:19 | |
| | |
|