وكتخريج عام يلاحظ أن التصورات الحديثة ركزت على اعتبار الشخص ذاتا مستقلة،ومتميزة،ينظر إليها كغاية في ذاتها وكحرية،وليس كبضاعة أو وسيلة وذلك في مقابل التصورات التشييئية للشخص التي كانت انعكاسا لمخلفات الرأسمالية الامبريالية .
منهجية الكتابة في مادةالفلسفة
إن منهجية الكتابة في مادة الفلسفة تتجسد عمليا في مجموع الخطوات العامة التي تهيكل الموضوع، وتشكل العمود الفقري لوحدته وتماسكه. وبما أن الأسئلة تتنوع في السنة النهائية إلى أشكال ثلاثة :
• النص الموضوع
• القولة-السؤال
• السؤال المفتوح
فسنحاول فيما يلي إعطاء تصور عام حول كل طريقة على حدة :
* منهجية مقاربة النص
يجب اعتبار النص المادة التي سينصب عليها التفكير، لذا تجب قراءته قراءة متأنية للتمكن من وضعه (النص) في سياق موضوعات المقرر؛ وبالتالي اكتشاف أطروحة المؤلف وموقعتها داخل الإشكاليات المثارة حول قضية أو إشكاية أو مفهوم... ويجدر بنا أن نشير، في هذا المقام، إلى أن منهجية المقاربة يحددها السؤال المذيل للنص، علما بأن النصوص عادة ما تطرح في السنة النهائية للتحليل والمناقشة بالنسبة لجميع الشعب. وعليه، نرى أن منهجية مقاربة النص لا تخرج من حيث الشكل على أية كتابة إنشائية (مقدمة ـ عرض ـ خاتمة)، إلا أن لمقاربة النص الفلسفي خصوصيات تحددها طبيعة مادة الفلسفة نفسها. وسنعمل في التالي على بسط هذه منهجية هذه المقاربة على ضوء تلك الخصوصيات.
1) طبيعة المقدمة :
إن المقدمة تعتبر مدخلا للموضوع، لذا يجب أن تخلو من كل إجابة صريحة عن المطلوب، حيث يفترض ألا توحي بمضامين العرض، لأنها بهذا الشكل تمنع من استكشاف ما هو آت، وخصوصا لأن المقدمة ستكتسي شكل إجابة متسرعة.
كما أن المقدمة تعبير صريح عن قدرات وكفايات عقلية، يمكن حصرها في الفهم (الأمر يتعلق هنا بفهم النص وفهم السؤال)، وبناء الإشكالية. وعليه، يجب أن تشتمل (=المقدمة) على ثلاث لحظات أساسية يتم فيها الانتقال من العام إلى الخاص : أي من لحظة تقديم عام هدفه محاصرة الإشكالية ( cerner la problématique ) التي يتموقع داخل النص، تليها لحظة التأطير الإشكالي للنص، وبالتالي موقعته (=النص) داخل الإطار الإشكالي الذي يتحدد داخله، ثم الانتهاء بلحظة ثالثة تتمثل في طرح الإشكالية من خلال تساؤلات يمكن اعتبارها تلميحا للخطوات التوجيهية التي ستقود العرض.
علما بأن طرح الإشكالية ليس مجرد صيغة تساؤلية، وإنما هو طرح للتساؤلات الضرورية والمناسبة، والتي يمكن اعتبار الكتابة اللاحقة إجابة عنها. هكذا يمكن الاقتصار (أحيانا) على تساؤلين أساسيين : تساؤل تحليلي(يوجه التحليل)، وتساؤل نقدي تقويمي (يوجه المناقشة)، علما بأن هناك أسئلة أخرى يمكن اعتبارها ضمنية نهتدي بها داخل فترات من العرض، حفاظا على الطابع الإشكالي للمقدمة.
إن المقدمة – إذن - ليست استباقا للتحليل، ذلك ما يحتم الحفاظ على طابعها الإشكالي، ومن خلال ذلك الحفاظ على خصوصية مرحلة التحليل التي يفترض أن تكون لحظة تأمل في النص، من أجل الوقوف على الطرح المعروض داخله وإبراز خصوصياته ومكوناته.
2) طبيعة العرض :
يمكن اعتبار العرض إجابة مباشرة على الإشكالية، ومن ثمة فإن العرض يتضمن لحظتين كتابيتين أساسيتين، هما لحظتا التحليل والمناقشة.
2-1 لحظة التحليل :
إن هذه المرحلة من المقاربة عبارة عن قراءة للنص من الداخل لاستكشاف مضامينه وخباياه، وبالتالي تفكيك بنيته المنطقية وتماسكه الداخليين، كأننا نحاول أن نتأمل عقلية المؤلف لفهم الأسباب التي جعلته يتبنى الطرح الذي تبناه، ويفكر بالطريقة التي فكر بها. ومن ثمة، لابد من توجيه التحليل بالأسئلة الضمنية التالية: ماذا يصنع المؤلف في هذا النص، أو ماذا يقول؟ كيف توصل إلى ذلك؟ ما هي الحجاج التي وظفها للتوصل إلى ما توصل إليه؟
فالسؤال الضمني الأول يحتم إبراز الموقف النهائي للمؤلف من الإشكالية التي عالجه و/أو إبراز طبيعة أهمية الإشكالية التي أثارها... والسؤال الضمني الثاني يدفع إلى التدرج الفكري مع المؤلف، والسير معه في أهم اللحظات الفكرية التي وجهت تفكيره. أما السؤال الضمني الأخير هو سؤال يستهدف الوقوف عند البنية الحجاجية التي تبناها المؤلف، وبالتالي الوقوف عند الحجاج الضمنية والصريحة التي وظفها لدعم أطروحته، وتحديد خصوصيتها، وطبيعتها...
فالتحليل – إذن - هو لحظة تأمل في المضامين الفكرية للنص وهو في الآن ذاته لحظة الكشف عن المنطق الذي من خلاله بنى المؤلف تصوره