- ( عقلة الإصبع )
رآها .. ورغم أنها كانت هناك بعيدة .. بعيدة جدا , إلا أن قلبه أكد له أنها هي .. بخطوات واسعة لاهثة هرول تجاهها .. بعد فترة غير قصيرة من العدو تنبه إلى أنه وحده يتجه إليها , بينما هي ثابتة .. تسمر مكانه .. لحظات ورآها تسير نحوه في لهفة .. حين اقتربت منه تمنى لو يحقق أمنيته الأبدية : بعصا سحرية ما يقلصها في حجم عقلة الإصبع ويدخلها قلبه ويتركها تسري عبر شرايينه وأوردته ويظل يتنفسها طوال عمره ... أفاق من أمنيته مذعورا ليجدها قد تجاوزته .. ملتاعا يكتشف أنه يسير نحوها وتسير نحوه ولكن .. في طريقين متوازيين لا يلتقيان .
- تمت –
-------------------------------------------------------------------------------------
2 - ( انكسار )
حين أخذت أنفاسه تضيق شيئاً فشيئاً .. حين استحالت الألوان جميعها إلى لون واحد أسود .. أصر أن ينتزع ذلك اللعين الرابض بأعماقه ... أخذ ينقب عنه فى قلبه .. أخرج قلبه الطفل ووضعه أمامه .. فتشه ركنا ركنا .. أزال عنه تراباً كثيفاً وعصر دماه قطرة قطرة ، لكنه لم يستطع إمساكه ، فأعاد قلبه إلى صدره .. غاص داخل تلافيف عقله .. حاكم أفكاره محاكمة عسكرية وحاول شنق كل ذكرياته الحزينة ، لكن حزنه كان يزداد اشتعالاً .. لحظتها أدرك أنه يحاول إمساك الهواء بأصابعه ، أن حزنه كائن هلامى يختلط بأنفاسه ويحتل جميع مسامه .. لابد أن حزنه الآن – أينما كان – يمتطى ويخرج له لسانه بشماتة .. أحس أن راحته فى البكاء .. تمنى لو ينفجر باكياً بصوت عالٍ .. أخذ يستمطر دموعه بتوسل ولكن حتى دموعه أبت.