لقد نشأت القصة القصيرة أواخر القرن التاسع عشر وهي أنسب الفنون الأدبية للتعبير عن تفاعلات الحياة اليومية ومشكلاتها، فالقصة في جوهرها فعل إنساني وموقف من الحياة، وهي نشاط نشأ بالضرورة وتطور منذ طفولة الإنسان، حيث وُجدت الحكايات في المجتمعات الإنسانية المبكرة لتلبي حاجات نفسية واجتماعية وعلى الرغم من اختلاف الكتاب والنقاد في تعريف القصة فإنهم أجمعوا على أنها نص أدبي نثري يتناول بالسرد حدثا وقع أو يمكن أن يقع، وهي فن أدبي يتناول حادثة أو مجموعة من الحوادث التي يمكن أن تجري في بيئة ما، تقوم بها شخوص متباينة وتنتهي إلى غاية محددة، وتصاغ بأسلوب أدبي معين. وتتميز القصة بعناصر منها الأحداث، الشخوص، الزمان، المكان، السرد… ومن القصاصين العرب نذكر: نجيب محفوظ، يوسف إدريس، يحي حقي، حنا مينة، أحمد المديني، أحمد بوزفور، محمد إبراهيم بوعلو.. 2ن
ونص الأزيز نص قصصي يدل عنوانه على صوت سمعه السارد، ويمكن أن نقدر المحذوف على الشكل التالي: الأزيز مزعج، الأزيز مخيف… وبربط العنوان بالفقرة الأولى نفترض أن البطل رحل عنه النوم وامتنع حينما خلد جميع من في البيت إلى الراحة بسبب أصوات غريبة، ويمكن تحديد موضوع القصة ومتنها الحكائي على الشكل التالي: 2ن
—–
•انزعاج الشخصية المحورية من صوت غريب حرمها من النوم، حيث حاولت البحث عن مصدر الصوت المزعج لمقاومته واستدراج النوم بكل الوسائل. 3ن
—–
والنص يمكن تقطيعه إلى متواليات سردية، حيث تحكى القصة وفق نظام تسلسلي يخضع للتراتبية الآتية (بداية، وسط، نهاية)، وباستثمار الخطاطة السردية يمكن تقطيع النص إلى المقاطع والمتواليات المتعاقبة التالية: 3ن
1- الوضعية الأولية (وضعية الانطلاق والبداية): رغبة البطل الشديدة في النوم بعد أن خلد جميع من البيت إلى فراشهم.
2- الوضعية الوسطية (سيرورة التحول): أ- حدث طارئ، ظهور صوت غريب (أزيز) حرم البطل من النوم، ب-تطور الأحداث: بحث البطل عن مصدر الأزيز، محاولة استدراج النوم. إزعاجه بحركاته زوجته وطفله الصغير النائمين قربه. ج-النتيجة أو عنصر الانفراج (حل العقدة: استيقاظ زوجته، وتأكيدها أن مصدر الأزيز هو تلفاز الجيران وإشارتها عليه بإقفال نافذة المطبخ، قيامه إلى النافذة وإقفال مصراعها.
3- الوضعية النهائية (النهاية): عودته إلى الفراش واستسلامه لنوم عميق.
ويمكن ملاحظة أن البنية السردية للقصة استهلت بوضعية مستقرة وهادئة وساكنة خلخلها حدث طارئ ومفاجئ ثم أغلقت بوضعية استقرار وعودة الهدوء والتوازن من جديد.
——
ويمكن رصد خصائص النص الفنية بالتركيز على نوع الحوار وهو حوار خارجي يدور بين الزوج (الشخصية المحورية) وزوجته (حاول أن تنام واترك الصغير ينام، ماذا بك ألا تريد أن تنام؟…) وحوار داخلي (مونولوج) يدور بين البطل ونفسيته (فكر عدة مرات، فكر من جديد في أن يكون هذا الأزيز آتيا من أنابيب الماء…) أما وظيفة الحوار الخارجي فهي رسم ملامح الشخصيات (شخصية الزوج مضطربة وقلقة وشخصية الزوجة هادئة وغير مبالية بالأزيز…) والتخفيف من رتابة السرد والإيهام بواقعية الأحداث، بترك الشخصيات تعبر عن انفعالاتها ومواقفها… وقد أدى الحوار الداخلي بصفة خاصة دورا واضحا في نقل الشحنات العاطفية المتوترة لدى الشخصية المحورية. فما هي دلالة الزمان والمكان في القصة؟ الزمان=الليل، المكان=البيت (غرفة النوم أو المطبخ)، ودلالة المكان: فضاء مغلق حميم (غرفة النوم) ودلالة الزمان(الليل): وقت الراحة والهدوء، وهما دلالتان لم تعكسهما تجربة البطل مع هذين الفضاءين بسبب الأزيز المزعج. 4ن
—–
إن قصة الأزيز حاولت أن تكشف صورة من الصور النفسية للبطل، وهي حالة متوترة وقلقة، والكاتب استمد مادته الحدثية من الحياة سواء أكانت هذه الحياة شخصية (داخل الغرفة) أو حياة غيرية (الجيران) وليس بالضرورة أن تكون قد وقعت فعلا بل يمكن أن تكون محتملة الوقوع وممكنة الحدوث في المجتمع أو الحياة حيث لعب الخيال وظيفة في بناء وتشكيل الحدث وربطه بالواقع ربطا يقوم على الإيهام، وذلك ما يميز القصة عن الحدث التاريخي وباقي الأشكال الأدبية النثرية، كما تبرز القصة قدرة الكاتب وموهبته في الاختيار والتميز، حيث سعى إلى تطوير الحدث وإبرازه وخلق مواقف مثيرة ومفاجئات كثيرة ووقائع متتابعة ليسير نحو النهاية برابط مبني على مبدأ السببية الذي ضمن للنص تسلسل أحداثه. 3ن
—-
ii – درس المؤلفات: (6ن)
يعتبر كتاب ظاهرة الشعر الحديث لأحمد المعداويالمجاطي، من طلائع المؤلفات المغربية التي صدرت حول الشعر العربي الحديث في فترة كان التأليف فيها حول الموضوع مطبوعا بالقلة والنزر، والمؤلف كتاب نقدي ورؤية ذات طبيعة متميزة لكونه يعكس قيما نقدية جمالية امتد دورها ليصل إلى الإنسان وإبداعاته.
وتندرج القولة ضمن الفصل الرابع الذي خصصه الكاتب للحديث عن عناصر الشكل الجديد للشعر العربي وإبراز أهم التغيرات التي مسته من حيث اللغة والصورة والأسس الموسيقية ونظام القافية. 2ن
—–
أما مظاهر التحول في بناء الشكل الشعري الحديث فيمكن تحديدها انطلاقا من المستويات الآتية :
1- مستوى اللغة: ارتباط لغة كل شاعر بطبيعة التجربة التي يعيشها وبمفهومه لدور اللغة في عملية الإبداع… شحن الكلمات بدلالات غير مألوفة… البعد عن لغة الحديث اليومية، وتجنب اللغة التقريرية الجافة… صدور اللغة عن صوت داخلي منبثق من أعماق الذات ومتجه إليها… ميل اللغة إلى الإيماء والإشارة، والهمس.
2- مستوى الصورة الشعرية: اعتماد حركة الخيال في بناء الصورة الشعرية وربطها بآفاق التجربة الذاتية… توسيع مدلول الصورة الشعرية وتحريرها من أسر نموذج الصور البيانية في البلاغة القديمة… توظيف الرموز والأساطير والأقنعة في بناء الصور.
3- مستوى موسيقى الشعر الحديث ليس ظاهرة عروضية، بل إن ما يحدد علاقة الشاعر الحديث بالعروض هو عاطفته وإحساسه وفكره وخياله… تفتيت الوحدة الموسيقية القديمة… تعدد القوافي والابتعاد بالقافية عن النظام الهندسي الصارم واعتبارها جزءًا من البناء الموسيقي العام للقصيدة… الربط بين إيقاع البيت وإيقاع القافية ربطا عفويا متوازنا.
—-
وقد اعتمد الكاتب في دراسته لظاهرة الشعر الحديث على مناهج مختلفة: اعتماد منهج متكامل يقوم على أساس توظيف منسجم لمقاربات متعددة في دراسة التحولات التي مست الشعر الحديث (المنهج التاريخي، المنهج النفسي، المنهج الاجتماعي، المنهج الموضوعاتي)
- كما اعتمد أسلوب الحجاج وأهم معالمه التدرج من العام إلى الخاص وإعمال المقارنة كآلية يراد بها الكشف عن مظاهر التشابه والاستشهاد بأقوال كثيرة لمبدعين وكتاب عرب وغربيين قصد إحداث الأثر في المتلقي وضرب الأمثلة الملائمة لسياق التحيين وهي في الغالب العام مقاطع أو نصوص شعرية منتقاة بعناية فائقة.
ملحوظة:
- التصحيح المقترح كان اعتمادا على دليل التصحيح الذي يقدم للأساتذة المصححين، ويراعى في تقويم الإنجاز تماسك التصميم المنهجي، سلامة اللغة، استثمار المكتسبات المعرفية واللغوية والمنهجية.
- علامة (—–) في التحليل تدل على نهاية الإجابة عن السؤال المطلوب والنقطة الممنوحة له.
(ننتظر ردودكم وانتقاداتكم واقتراحاتكم، والله ولي التوفيق)